لو أردنا أن نستبعد الإسلام ونأتي بشيء آخر مكانه، لو أردنا تأسيس حزب مثلًا لما استطعنا [أن ننتصر]. كم من الأحزاب جاءت منذ بداية المشروطة والى الآن.
ولكن لأن الإسلام لم يكن وراءها فشلت كل هذه المحاورات الواحدة بعد الاخرى. لم يكن هنالك نجاح منذ البداية، لأن الشعب مسلم. وطبعاً واضح أن الشعب مسلم ويتحرى من يرفع صوت الإسلام. كل من يرفع صوت الإسلام توافقه الجماهير.
لو كنا قد حذفنا كلمة (جمهورية إسلامية) وقلنا (جمهورية) لما استطعنا أن نأتي بالجماهير إلى الساحة. الجماهير لا تضحي بنفسها أبداً من أجل (الجمهورية)، إنهم لا يضحون بأنفسهم من أجل البطون، لا يريدون أن يموتوا من أجل الحرية حتى يكونوا احراراً. هذا مجرد كلام. الذي يستطيع تعبئة الناس هو الاعتقاد بوجود عالم آخر غير هذا العالم، وهو أفضل منه. كما أن هذه العقيدة حرّكت في صدور الإسلام الجماهير، وكانت اعدادهم قليلة على امبراطورية ذلك العصر وكانت [أكبر من] كل امبراطوريات العالم. هاتان الامبراطوريتان الروم وإيران جاء عدد قليل من العرب ليست لهم عدة حربية، لكل عدد منهم ناقة وسيف، لم يكن لهم ما يأكلونه في بعض الحروب، كانوا يصومون، وأحياناً لم يكن معهم سوى تمرة واحدة طوال اليوم والليلة. احياناً كان الواحد منهم يرفع التمرة الى فمه، ويردّها الى آخر، وهذا يردّها الى غيره. مثل هذه المجموعة انتصرت على امبراطوريتين بتلك العظمة. لماذا كان ذلك الانتصار؟ إنه انتصار الإيمان، وإلّا فالسيف الذي كانوا يمتلكونه لم يكن بشيء مقابل العدة التي كانت لأولئك، لقد كانت عدة إيران والروم في ذلك الحين عظيمة جداً، لا علاقة لها بالحاضر ابداً. كانت عدة عجيبة آنذاك. ولكن تقدمت في مقابلها هذه المجموعة المؤمنة التي كانت تقول إذا قتلناهم ذهبنا للجنة، وإذا قتِلنا ذهبنا للجنة أيضاً. هذا المنطق هو الذي نصرهم، وهو منطق ظهر في إيران خلال هذه السنوات التي كثر فيها الكلام و [التنوير] وبذلت كل الشرائح جهودها فتحول الناس عن تلك الحالات النفسية التي كانت لهم إلى حالة إسلامية يفكرون فيها مثلما كانوا في صدر الإسلام. والآن أيضاً يأتيني ناس بين يوم وآخر يقولون ادعً لنا أن نستشهد، وأنا اقول لهم اني أدعو أن ينصركم الله.
اذا وجدت هذه المعنويات بين مجموعة من الناس تستطيع أن تتجه بقبضاتها صوب الدبابة. لأنها لن تخاف من الموت، لا خوف في قلوبهم. لقد وُجدت هذه المعنويات، وستبقى موجودة إن شاء الله. إنها لا تزال موجودة بنفس الشدة لحد الآن والحمد لله.(صحیفة الامام الخمیني ،ج۱۱،ص۱۵۸-۱۵۹)
--------------
القسم العربي ، الشؤون الدولية.